مقاومة المضادات الحيوية، أسبابها، خطورتها، والحد منها | ميدزون
top of page

مقاومة المضادات الحيوية


كبسولات مضادات حيوية باللون الرمادي والزهري
مقاومة المضادات الحيوية

ما هي مقاومة المضادات الحيوية؟ المضادات الحيوية أدوية تستخدم لقتل أو إبطاء نمو البكتيريا وبعض أنواع الفطريات، لكن المضادات الحيوية غير فعالة في علاج العدوى الفيروسية.


تتطور مقاومة المضادات الحيوية (بالانجليزي: Antibiotic Resistance) عندما تطور الفطريات والبكتيريا المسببة للأمراض طفرات (تغيرات) جينية تمكنها من النمو حتى مع وجود المضاد الحيوية، مما يجعل هذه البكتيريا والفطريات صعبة العلاج.


تعد مقاومة المضادات الحيوية من قضايا الصحة العامة الخطيرة والملحة التي تعمل الكثير من الجهات الصحية المحلية والدولية لإبطائها والتخفيف منها لتجنب الوصول إلى عصر ما بعد المضادات الحيوية.


تتسبب مقاومة المضادات الحيوية في زيادة معدلات الإصابة بالأمراض، وزيادة الحاجة إلى العلاج في المستشفى، وزيادة طول مدة الإقامة بالمستشفى، وارتفاع تكاليف العلاج، وزيادة عدد الوفيات.


تاريخ مقاومة المضادات الحيوية

يعد اكتشاف البنسلين، وهو أول مضاد حيوي على يد ألكسندر فليمنج عام 1928 نقطة تحول كبيرة في عالم الطب أنقذت حياة الملايين منذ ذلك الوقت، وبدأ وصف المضادات الحيوية في أربعينيات القرن الماضي فقط لعلاج حالات العدوى الخطيرة، ومنذ ذلك الوقت بدأت شركات الأدوية بتطوير أنواع مختلفة من المضادات الحيوية لعلاج الأنواع المختلفة من العدوى البكتيرية والفطرية.


كانت بداية ملاحظة مشكلة مقاومة المضادات الحيوية في أواخر الستينات، وفي أوائل الثمانينيات أخذت شركات الأدوية بإنتاج مضادات حيوية جديدة لحل مشكلة مقاومة المضادات الحيوية.


في العام 2015 بدأ خط أنابيب المضادات الحيوية الجديدة في النضوب، فقد أدخلت 7 أنواع جديدة من المضادات الحيوية فقط إلى الاستخدام في ذلك الوقت، مما دفع بمنظمة الصحة العالمية إلى إعلان حالة تأهب في شهر مايو من العام 2015 لوضع خطة عمل عالمية للتخفيف من أزمة مقاومة المضادات الحيوية أو إبطائها لتجنب الوصول لعصر ما بعد المضادات الحيوية كما ذكر سابقاً، وهذا يعني عودة العدوى البكتيريا لتكون مصدر تهديد لحياة البشر مرة أخرى.


منذ العام 2019 حتى الآن لم تدخل إلا 3 مضادات حيوية مرحلة التجارب الثالثة للحصول على موافقة لاستخدامها في العلاج، ويعني هذا الرقم أن خط المضادات الحيوية قد جف تماماً، وأن أزمة مقاومة المضادات الحيوية آخذة بالتفاقم، ولا بد من اتخاذ خطوات حاسمة بشأنها.


للمزيد: لقاح كورونا


أسباب مقاومة المضادات الحيوية

يجب الأخذ بعين الاعتبار أن مقاومة المضادات الحيوية تتطور لدى البكتيريا والفطريات وليس لدى البشر، ويعود السبب في ذلك إلى العديد من العوامل.


تحمل بعض أنواع البكتيريا سمات طبيعية في مادتها الوراثية تساعدها على مقاومة المضادات الحيوية، لذا عند استخدام المضادات الحيوية تموت أنواع البكتيريا الغير مقاومة للمضادات الحيوية، أما الأنواع المقاومة للمضادات الحيوية فتبقى على قيد الحياة، وتسمى هذه النظرية بنظرية الاختيار الطبيعي أي أن الكائن الحي الأقوى يبقى على قيد الحياة في ظل الظروف الصعبة مثل وجود المضاد الحيوي، والكائن الحي الضعيف بكل بساطة يموت، مما يؤدي في المرحلة التي تليها إلى تكاثر وانتشار الكائن الأقوى وهي البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية.

من العوامل الأخرى التي تؤدي إلى تطور مقاومة المضادات الحيوية هي أن البكتيريا تتغير مع مرور الوقت لتتكيف مع البيئة المحيطة بها وتتمكن من غزو الجسم والتغلب على الجهاز المناعي، لكن تعيق المضادات الحيوية قدرة البكتيريا على التكاثر مما يدفع البكتيريا إلى تطوير طفرات جينية، أو تبادل جينات تمكنها من البقاء على قيد الحياة بين بعضها البعض حتى بوجود المضاد الحيوي.


بالإضافة إلى دور البكتيريا في تطوير مقاومتها للمضادات الحيوية، فقد لعب الاستخدام واسع النطاق للمضادات الحيوية في مجالات مختلفة دوراً في زيادة تطور مقاومة المضادات الحيوية. ومن أسباب تطور مقاومة المضادات الحيوية الناجمة عن البشر ما يلي:

  • استخدام المضادات الحيوية بشكل غير مناسب، ففي الكثير من البلدان يمكن الحصول على المضادات الحيوية دون وصفة طبية وبأسعار رخيصة، مما يجعلها متوفرة للاستخدام دون تشخيص الإصابة بعدوى بكتيرية بحاجة إلى العلاج بالمضادات الحيوية.

  • قد يستخدم الكثيرون المضادات الحيوية لعلاج أنواع العدوى الفيروسية المختلفة الشائعة، مثل: عدوى الإنفلونزا والزكام وغيرهما من أنواع العدوى الفيروسية دون اللجوء إلى الطبيب للحصول على تشخيص وعلاج مناسب للحالة.

  • في كثير من الأحيان قد يصف الأطباء المضادات الحيوية للمرضى دون تشخيص مناسب بسبب إلحاح المريض للحصول على المضاد الحيوي، وتعد هذه العوامل من العوامل المؤدية إلى فرط وسوء استخدام المضادات الحيوية وتطور مقاومة المضادات الحيوية.

  • في كثير من الأحيان لا يكمل المرضى دورة العلاج بالمضادات الحيوية، مما لا يعرض البكتيريا لجرعات مناسبة من الدواء لأوقات مناسبة كافية للتخلص من العدوى البكتيرية، مما يؤدي أيضاً إلى تطوير البكتيريا لمقاومة للمضادات الحيوية المستخدمة في العلاج.

  • في بعض الأحيان قد يلجأ الأطباء إلى استخدام المضادات الحيوية واسعة الطيف دون وجود تشخيص كافٍ للحالة مع أنه قد تكون الأنواع المحددة من المضادات الحيوية مناسبة لعلاج الحالة، مما يزيد من خطر تطوير مقاومة المضادات الحيوية لدى البكتيريا.

  • يعد المرضى ذوو الحالات الحرجة الذين يتم علاجهم في المستشفى أكثر عرضة للإصابة بالعدوى البكتيرية، ويحتاجون في الكثير من الأحيان إلى العلاج بالمضادات الحيوية، لذا يدفع الاستخدام المتزايد للمضادات الحيوية في المستشفيات بجانب الاتصال الوثيق بين المرضى إلى خلق بيئة يمكن أن تنتشر فيها البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية بسهولة.

  • قد تساهم منتجات مضادات البكتيريا التي تباع لأغراض النظافة في حدوث مشكلة مقاومة المضادات الحيوية، لأنها تحد من قدرة الجسم على مواجهة العدوى البكتيرية المختلفة وبناء مناعة ذاتية لدى الأطفال والبالغين، مما يضعف الجهاز المناعي ويجعل هذه الفئات بحاجة أكثر إلى استخدام المضادات الحيوية عند التعرض للعدوى البكتيرية.


أنواع مقاومة المضادات الحيوية

من أخطر مخاوف مقاومة المضادات الحيوية هو أن بعض انواع البكتيريا أصبحت تقريباً مقاومة لجميع أنواع المضادات الحيوية المتاحة. وتشتمل بعض أنواع البكتريا المقاومة للمضادات الحيوية الخطيرة على ما يلي:

  • بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية المقاومة للميثيسيلين (بالانجليزي: Methicillin-resistant Staphylococcus aureus or MRSA)، تسبب بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية مجموعة واسعة من الأمراض للبشر، مثل:

  1. خراجات ودمامل الجلد.

  2. التهاب السحايا.

  3. التهاب شغاف القلب.

  4. إنتان الدم.

  • المكورات المعوية المقاومة للفانكومايسين (بالانجليزي: Vancomycin-resistant Enterococcus or VRE)، وتتسبب المكورات المعوية بالعديد من الأمراض، ومنها:

  1. التهاب البروستاتا.

  2. التهاب أعضاء البطن والحوض.

  3. التهاب شغاف القلب، وغيرها من الأمراض.

  • المتفطرة السلية المقاومة لعدة أنواع من مضادات السل (بالانجليزي: Multidrug-resistant tuberculosis or MDR TB)، والمتفطرة السلية هي البكتيريا المسببة لمرض السل.

  • البكتيريا المعوية المقاومة للكاربابينيم (بالانجليزي: Carbapenem-resistant Enterobacteriaceae or CRE)، وتتسبب البكتيريا المعوية أيضاً بمجموعة واسعة من الأمراض. ومنها:

  1. التهاب الجروح.

  2. التهاب المسالك البولية.

  3. الالتهاب الرئوي.

  4. التهاب السحايا.

  5. متلازمة انحلال الدم اليوريمي.


البكتيريا التي زادت مقاومتها للمضادات الحيوية

تشمل أنواع البكتيريا التي تمت ملاحظة زيادة مقاومتها للمضادات الحيوية ما يلي:

  • البكتيريا المسببة لمرض السيلان، وهي نوع من أنواع العدوى المنقولة جنسياً.

  • أنواع البكتيريا التي تسبب التسمم الغذائي، مثل:

  1. السالمونيلا.

  2. العطفية.

  3. الإشريكية القولونية (الإيكولاي).



تشخيص عدوى البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية

يجرى تحليل الزراعة والحساسية (بالانجليزي: Culture and sensitivity) للكشف عن نوع البكتيريا المسببة للعدوى من خلال البحث عن المواد الجينية الخاصة بالبكتيريا، أو البحث عن الأجسام المضادة، أو المستضدات في العينة المأخوذة، ويساعد هذا التحليل أيضاً في تحديد نوع المضاد الحيوي المناسب للعلاج.


قد تستغرق نتائج تحليل الزراعة بين 48-72 ساعة حتى تظهر، لذا في بعض الحالات الطارئة قد يبدأ الأطباء العلاج بالمضادات الحيوية واسعة الطيف قبل ظهور نتائج الفحص.


تؤخذ العينات للزراعة إما من الدم، أو البول، أو البلغم، أو من السائل المحيط بالنخاع الشوكي في العمود الفقري (السائل النخاعي)، أو من الأنسجة، أو من خلال أخذ مسحة من الحلق، أو الأنف، أو الأعضاء التناسلية.


الحد من تطور مقاومة المضادات الحيوية

تسعى الحكومات إلى سن الكثير من القوانين والتشريعات لإدارة أزمة مقاومة المضادات الحيوية، ومن أهم هذه القوانين منع بيع المضادات الحيوية دون وصفة طبية أو مراقبة، ويمكن لكل فرد في المجتمع أن يساهم أيضاً في الحد من تفاقم مشكلة مقاومة المضادات الحيوية لدى البكتيريا من خلال اتباع النصائح الآتية:

  • عدم استخدام المضادات الحيوية دون استشارة الطبيب والتأكد من الإصابة بالعدوى البكتيرية، وعدم استخدام المضادات الحيوية لعلاج أنواع العدوى الفيروسية الشائعة، مثل الانفلونزا.

  • إتمام دورة العلاج بالمضادات الحيوية وفقاً لتعليمات الطبيب وعدم التوقف حتى عند الشعور بالتحسن.

  • عدم الإلحاح على الطبيب لوصف المضادات الحيوية إذا لم يكن الشخص بحاجة إليها.

  • عدم استخدام بقايا المضادات الحيوية من دورات علاج سابقة لعلاج حالات حالية، وتناول الأدوية التي يصفها الطبيب لكل حالة بشكل منفصل وفقاً لتعليمات الطبيب، على سبيل المثال، عدم استخدام بقايا المضاد الحيوي المستخدمة لعلاج التهاب المسالك البولية السابق لعلاج التهاب اللوزتين البكتيري الحالي.

  • تدوين المعلومات حول أسماء المضادات الحيوية المستخدمة في دورات العلاج السابقة، خاصة المضادات الحيوية التي يمكن الحصول عليها دون وصفة طبية، وتزويد الطبيب بها عند التعرض للعدوى نفسها أو لعدوى بكتيرية أخرى، لتجنب استخدام المضاد الحيوي نفسه عدة مرات.

  • منح الجسم مدة للمقاومة وبناء المناعة الذاتية وعدم المسارعة لزيارة الطبيب وأقسام الطوارئ وتناول المضادات الحيوية عند التعرض للعدوى، والتعرف على الأعراض التي تستوجب زيارة الطبيب عند تطورها.


الوقاية من البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية

يمكن للنصائح الآتية أن تساعد على الوقاية من التعرض لتلقي ونشر أنواع البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية المختلفة:

  • غسل اليدين بالماء والصابون جيداً قبل وبعد تناول الطعام، وبعد استخدام الحمام، وتغيير الحفاضات، وبعد العودة من الخارج.

  • تغطية الفم والأنف عند السعال، أو العطس بمنديل، أو استخدام مرفق اليد إذا لم تتوفر المناديل.

  • تعقيم الأسطح بالماء والكلور، خاصة إذا كان أحد أفراد المنزل يعاني من عدوى بكتيرية نشطة.

  • زيارة الطبيب عند ظهور أعراض العدوى البكتيرية التي تستوجب زيارة الطبيب لكي يحدّد المضاد الحيوي المناسب لعلاج الحالة.

  • طهو الطعام لدرجات حرارة عالية ولأوقات كافية لقتل أنواع البكتيريا المختلفة.

  • غسل الخضراوات والفواكه جيداً قبل تناولها.

  • شرب الماء المعبأ واستخدامه لغسل الخضراوات والفواكه التي تؤكل نيئة، ولغسل الأسنان عند السفر لدول تشيع فيها الإصابة بأنواع العدوى البكتيرية المختلفة.

  • أخذ اللقاحات الموصى بها خاصة قبل السفر.

  • التخلص من المناديل الورقية والحفاضات في سلة المهملات بعيداً عن مصادر الطعام وعدم تركها على الأسطح.

  • عدم البصق في الاماكن المختلفة.

  • البقاء في المنزل عند التعرض للعدوى وعدم الخروج للأماكن العامة وأماكن التجمعات أثناء نشاط العدوى إذا أمكن.

  • ارتداء الكمامة وممارسة التباعد الاجتماعي عند التعرض للعدوى والخروج من المنزل.

  • عدم زيارة العيادات وغرف الطوارئ إلّا للضرورة القصوى، وعدم اصطحاب الأطفال إلى تلك الأماكن إذا لم يكن الطفل مريض وبحاجة إلى العلاج.

  • تجنب استخدام المنتجات التي تحتوي على المضادات الحيوية أو مضادات الجراثيم أو مضادات الميكروبات إذا لم ينصح الطبيب بذلك.

  • زيادة قوة الجهاز المناعي لمقاومة أنواع العدوى المختلفة من خلال اتباع نظام غذائي صحي غني بالخضراوات والفواكه، وممارسة الرياضة، والتخلص من الوزن الزائد والوصول إلى وزن صحي، وتجنب التدخين وشرب الكحول، وتجنب أسباب التوتر والإجهاد النفسي، والحصول على عدد ساعات نوم كافٍ.



المراجع

  1. Ventola C. L. (2015). The antibiotic resistance crisis: part 1: causes and threats. P & T : a peer-reviewed journal for formulary management, 40(4), 277–283. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4378521/

  2. Gould, I. M., & Bal, A. M. (2013). New antibiotic agents in the pipeline and how they can help overcome microbial resistance. Virulence, 4(2), 185–191. https://doi.org/10.4161/viru.22507

  3. Viswanathan V. K. (2014). Off-label abuse of antibiotics by bacteria. Gut microbes, 5(1), 3–4. https://doi.org/10.4161/gmic.28027

  4. Lushniak B. D. (2014). Antibiotic resistance: a public health crisis. Public health reports (Washington, D.C. : 1974), 129(4), 314–316. https://doi.org/10.1177/003335491412900402

  5. Luyt, C. E., Bréchot, N., Trouillet, J. L., & Chastre, J. (2014). Antibiotic stewardship in the intensive care unit. Critical care (London, England), 18(5), 480. https://doi.org/10.1186/s13054-014-0480-6

  6. Michael, C. A., Dominey-Howes, D., & Labbate, M. (2014). The antimicrobial resistance crisis: causes, consequences, and management. Frontiers in public health, 2, 145. https://doi.org/10.3389/fpubh.2014.00145

  7. Tan, D., Htun, H. L., Koh, J., Kanagasabai, K., Lim, J.-W., Hon, P.-Y., Ang, B., & Chow, A. (2018). Comparative Epidemiology of Vancomycin-Resistant Enterococci Colonization in an Acute-Care Hospital and Its Affiliated Intermediate- and Long-Term Care Facilities in Singapore. Antimicrobial Agents and Chemotherapy, 62(12). https://doi.org/10.1128/aac.01507-18


bottom of page