الغشاء البلازمي: وظائفه وبنيته ودوره في التفاعلات الخلوية | ميدزون
top of page

الغشاء البلازمي: بنية ووظائف وأهميته في الخلايا والاتصالات الخلوية


رسم توضيحي لهيكل غشاء الخلية
الغشاء البلازمي


الغشاء البلازمي (بالإنجليزية: Plasma membrane) ويشار إليه أيضًا بغشاء الخلية من مكونات الخلية الأساسية التي تفصل بين البيئة الداخلية للخلية والبيئة الخارجية المحيطة بها، ويتميز هذا الحاجز الديناميكي بالنفاذية الاختيارية.


يعد غشاء البلازما ضروريًا لبقاء الخلية حية ولمقدرتها على القيام بوظائفها، لأنه يلعب دور محوري في العمليات الخلوية المختلفة بدءًا من تنظيم النقل الجزيئي إلى إشارات الخلايا والتعرف عليها.


تركيب الغشاء البلازمي

يتكون الغشاء البلازمي من طبقة ثنائية من الفوسفوليبيدات، أي الدهون مزدوجة الألفة (بالإنجليزية: Amphipathic)، ويعود السبب في هذه التسمية إلى أن رؤوس هذه الفسفوليبدات المواجهة للسوائل على الجانب الخارجي والداخلي للخلية تكون محبة للماء (بالإنجليزية: Hydrophilic)، أما ذيوول هذه الفسفوليبدات المشكلة للطبقة الداخلية للغشاء البلازمي فتكون كارهة للماء (بالإنجليزية: Hydrophobic) وتحدد هذه الخاصية المزدوجة لغشاء البلازما طبيعة نفاذيته الاختيارية [1].


بالإضافة إلى الفوسفوليبيدات يندمج في الغشاء البلازمي مجموعة متنوعة من التراكيب ومنها:

  • البروتينات: تلعب البروتينات على وجه الخصوص دورًا أساسيًا في العديد من الوظائف مثل نقل المواد عبر غشاء البلازما [2].

  • جزيئات الكوليسترول: تنظم جزيئات الكوليسترول سيولة أو انسياب الغشاء البلازمي واستقراره، كما يؤثر ترتيبها ثنائي الطبقة الدهنية على الخصائص العامة لغشاء البلازما [3].

  • الواسمات السطحية: تساهم الواسمات السطحية مثل الكربوهيدرات الموجودة على السطح الخارجي للخلية في التعرف على الخلايا والتواصل معها [5].


النموذج الفسفسائي السائل

يوفر النموذج الفسيفسائي السائل (بالإنجليزية: Fluid mosaic model) الذي صاغه العالملان سينجر ونيكلسون إطارًا شاملًا لفهم الطبيعة الديناميكية للغشاء البلازمي، حيث يوفر هذا النموذج الضوء على الترتيب الشبيه بالفسيفساء للبروتينات المدمجة داخل الطبقة ثنائية الدهون السائلة للغشاء البلازمي [1]، فوفقًا لهذا النموذج لا يعد الغشاء البلازمي بنية ثابتة، ولكنه يعد بنية ديناميكية تتخللها بروتينات موزعة بشكل غير منتظمم بطريقة مشابهة للفسيفساء داخل طبقة الدهون الثنائية تحيط بمكونات الخلية [5].


تسمح سيولة طبقة الدهون الثنائية بالحركة الجانبية للدهون والبروتينات مما يساهم في قدرة غشاء البلازما على التكيف أو التشكل [1]، بالإضافة إلى ذلك تعبر البروتينات المدمجة في الغشاء الغشاء البلازمي مما يبرز أجزاء منها على كلا جانبي الغشاء، مما يساهم في الطبيعة الديناميكية والوظيفية لغشاء البلازما [5].


تعد سيولة الغشاء البلازمي والبروتينات المدمجة بداخله، والبروتينات الموزعة على سطحه ضرورية للعمليات الخلوية مثل نقل الإشارة، والإدخال والإخراج الخلوي. بالإضافة إلى ما سبق تؤثر التغيرات في درجات الحرارة وتكوين الدهون، وتفاعلات البروتينات على سيولة الغشاء، مما يسمح للخلايا بالتكيف مع الظروف البيئية المختلفة [2].


وظائف الغشاء البلازمي

كما ذكرنا سابقًا يلعب غشاء الخلية أدوار محورية في الوظائف الخلويةـ وتتمثل هذه الوظائف فيما يلي:

يعمل الغشاء البلازمي كحاجز انتقائي، حيث يتحكم بدقة مرور الأيونات والمواد الغذائية، والنفايات داخل وخارج الخلية، مما يحافظ على التزوازن الخلوي من خلال منع دخول المواد الضارة إلى الخلية والسماح للجزيئات الأساسية مثل البروتينات بالمرور [2].


الغشاء البلازمي شبه منفذ، أي أنه يسمح لمواد معينة فقط بالعبور من خلاله فقط بينما يمنع عبور مواد أخرى بناءً على حجمها، أو شحنتها أو غيرها من الخصائص مما ينسق العمليات الخلوية المعقدة ويضمن بقاء البيئة الداخلية للخلية مناسبة للوظائف الخلوية [1] [4].


يستخدم الغشاء البلازمي عمليات النقل النشط والنقل السلبي، مما يسهل حركة الجزيئات عبر الغشاء دون إنفاق الطاقة الخلوية، وفي نفس الوقت يحافظ على تركيزات المواد ضمن نطاق معين داخل الخلية [2].


يعد غشاء البلازما جزء لا يتجزأ من الاتصال الخلوي حيث يحتوي على مستقبلات بروتينية تلعب دورًا حاسمًا في استقبال الإشارات الخارجية وبدء الاستجابة الخلوية [3].


يتميز غشاء البلازما بالواسمات السطحية التي تعد ركن أساسي للتعرف على الخلايا والتفاعل معها، حيث يمكن لهذه الواسمات التمييز بين خلايا الجسم والخلايا الغريبة عن الجسم مما يساهم في الاستجابات المناعية والتصاق الخلية بالخلايا الأخرى، أو بالمصفوفة خارج الخلية [2] [4].


آليات النقل عبر الغشاء البلازمي

يتم تنظيم حركة المواد عبر الغشاء البلازمي من خلال آليتين رئيسيتين، وهما:


آليات النقل السلبي

تسهل عمليات النقل السبي حركة المواد عبر غشاء البلازما دون الحاجة إلى إنفاق الطاقة من قبل الخلية، ومن هذه العمليات الانتشار الذي يسمح للجزيئات بالانتقال من المناطق ذات التركيز المرتفع إلى المناطق ذات التركيز المنخفض، مما يضمن التوزيع المتساوي للمواد، مما يعزز التوازن داخل البيئة الخلوية [1].


التناضح أو الأسموزية هو نوع متخصص من أنواع النقل السلبي يختص على وجه التحديد بحركة جزيئات الماء عبر الغشاء شبه المنفذ، وتعد هذه العملية حيوية للحفاظ على توازن الماء المناسب داخل الخلايا، حيث يتحرك الماء عبر غشاء البلازما نحو المناطق التي تحتوي على تركيز مرتفع من المواد المذابة داخل الخلية، مما يساعد على تنظيم بيئة الخلية الداخلية [1].


الانتشار المسهل نوع آخر من أليات النقل السلبي التي تعتمد على البروتينات المدمجة في الغشاء البلازمي للمساعدة في حركة جزيئات معينة، حيث تعمل هذه البروتينات كقنوات تسمح لمواد مثل الأيونات والسكريات والأحماض الأمينية باجتياز طبقة الدهون الثنائية الكارهة للماء، مما يعني أن هذه الآلية تعزز كفاءة نقل الجزيئات مما يضمن عبور المواد الأساسية للغشاء البلازمي حتى لو واجهت صعوبة في المرور عبر القلب الدهني [1].


آليات النقل النشط

على عكس النقل السلبي تتطلب عمليات النقل النشط إلى استهلاك طاقة الخلية على شكل أدينوسين ثلاثي الفوسفات (ATP) لنقل المواد ضد تدرج تركيزها، وتعد مضخة الصوديوم-بوتاسيوم مثال بارز على عملية النقل النشط، حيث تقوم هذه المضخة بنقل أيونات الصوديوم إلى خارج الخلية ونقل أيونات البوتاسيوم إلى داخل الخلية، مما يحافظ على تدرجات التركيز الضرورية لمختلف الوظائف الخلوية [1].


يعد النقل النشط بالغ الأهمية لإنشاء والحفاظ على تدرجات التركيز الضرورية للعمليات الخلوية مثل امتصاص العناصر الغذائية والتخلص من النفايات، حيث يمكن للخلية باستخدام الطاقة أن تجمع المواد ضد تركيزها الطبيعي، مما يضمن توفر الجزيئات الأساسية بكميات كافية داخل الخلية، الذي بدوره يساهم في التوازن الخلوي [1].


الاتصال الخلوي

ينظم الغشاء البلازمي عمليات الاتصال الخلوية المعقدة الضرورية لتنسيق وتنظيم الأنشطة الخلوية المتنوعة، وتتم هذه العملية في جوهرها من خلال بروتينات المستقبلات الموجود على الغشاء، حيث تلعب هذه المستقبلات دور محوري في التعرف على جزيئات الإشارات وترتبط بها، ومن الأمثلة على جزيئات الإشارات الهرمونات، وعوامل النمو، والنواقل العصبية [3].


عند ارتباط بروتينات سطح الغشاء البلازمي بجزيئات الإشارات تخضع هذه البروتينات لتغيرات تؤدي إلى بدء نقل الإشارة عبر الغشاء البلازمي من خارج الخلية إلى داخلها، مما بدوره يؤدي إلى سلسة من الأحداث داخل الخلية بحسب الهدف من الإشارة التي تم نقلها [1] [3].


على سبيل المثال تمتلك بعض المستقبلات البروتينية نشاطًا إنزيميًا يؤدي عند تفعيله إلى تنشيط المسارات داخل الخلايا التي تنظم التعبير الجيني، أو الاستجابات الخلوية الأخرى.


بالإضافة إلى ما سبق تمتد مشاركة الغشاء البلازمي في الاتصالات الخلوية إلى جزيئات التصاق الخلايا (يالإنجليزية: Cell adhesion molecules or CAMs) التي تسهل التفاعلات بين الخلايا، حيث تعد جزيئات التصاق الخلايا ضرروية للعمليات المختلفة مثل الاستجابة المناعية، وتطور الأنسجة والحفاظ على سلامة بنيتها [2]، أي أن هذه التفاعلات المعقدة تمكن الخلايا من الإحساس ببيئتها والاستجابة لها، مما يساهم بشكل كبير في الوظائف العامة والقدرة على التكيف للكائنات متعددة الخلايا [3].


تمييز الغشاء البلازمي للخلايا

كما ذكرنا في الفقرات السابقة تلعب واسمات سطح الخلية بما في ذلك الجليكوببتيدات دور حاسم في التعرف على الخلايا وحدوث التفاعل بينها [5]، والجليكوببتيدات هي جزيئات من الدهون والكربوهيدرات توجد على السطح الخارجي للغشاء البلازمي تعمل كعلامات تعريف تستخدم للتمييز بين أنواع الخلايا المختلفة وتساعد أيضًا على تسهيل الاتصال الخلوي، وتشارك الجليكوببتيدات أيضًا في العمليات الخلوية المختلفة بما في ذلك الاستجابة المناعية وتطور الأنسجة [1] [3].


لدى الجهاز المناعي يعد التعرف على الخلايا أمر هام جدًا للتمييز بين خلايا الجسم المختلفة والخلايا القادمة من خارج الجسم حتى يتمكن من تكوين الاستجابة المناعية المطلوبة لحماية الجسم ومنع ردود الفعل المناعية ضد خلايا الجسم نفسه، وهذا ما تقوم به الجليكوببتيدات على سطح الغشاء البلازمي [2].


الإدخال والإخراج الخلوي عبر الغشاء البلازمي

يعد الإدخال والإخراج الخلوي من العمليات الخلوية الأساسية التي تقوم بالنقل الفعال للجزيئات الكبيرة عبر الغشاء البلازمي، وتلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على التوازن الخلوي وتسهيل الاتصال، وفيما يلي شرح لكلا العمليتين:


الإدخال الخلوي

الإدخال الخلوي (بالإنجليزية: Endocytosis) ويطلق عليه أيضًا الالتقام الخلوي هو عملية تقوم من خلالها الخلايا بابتلاع المواد من البيئة الخارجية المحيطة بها مثل العناصر الغذائية، والمستقبلات، وتستخدمها لإزالة المواد من خارج الخالية، ويقسم الإدخال الخلوي بحد ذاته إلى 3 أنواع وهي [1] [2]:


البلعمة

تنطوي البلعمة (بالإنجليزية: Phagocytosis) على ابتلاع الجزيئات الكبيرة مثل الكائنات الحية الدقيقة وبقايا الخلايا من قبل الخلية.


يقوم الغشاء البلازمي خلال هذه العملية بمد أقدام كاذبة، أي نتوءات مؤقتة لتحيط بالجسم خارج الخلية وتبتلعه مكونة بذلك الجسيم البلعمي، من ثم يندمج الجسم البلعمي مع الأجسام الحالة (الليسوسومات) ليتم تفكيك الجسم الذي تم ابتلاعه بواسطة الإنزيمات.


الاحتساء الخلوي

الاحتساء الخلوي ويطلق عليه أيضًا الشرب الخلوي (بالإنجليزية: Pinocytosis) هو الامتصاص غير الانتقائي للقطرات الصغيرة من السوائل من خارج الخلية.


تتضمن عملية الشرب الخلوي على تكوين الغشاء البلازمي لحويصلات صغيرة عليه من خلال غرق أجزاء من الغشاء البلازمي إلى الداخل لتقوم هذه الانخفاضات أو الحويصلات باحتواء السوائل والمواد المذابة، من ثم تقوم هذه الحويصلات بإيصال محتوياتها إلى الجسيم الداخلي (الإندوسوم) ليقوم بمعالجتها.


الإدخال الخلوي بواسطة المستقبلات

الإدخال الخلوي بواسطة المستقبلات (بالإنجليزية: Receptor-mediated endocytosis) عملية محددة للغاية يتم خلالتها امتصاص جزيئات معينة من قبل الخلايا من خلال ارتباط ربيطات بمستقلات معينة على الخلية.

يؤدي ارتباط الربيطات بالمستقبلات على سطح الخلية بتكوين حفر تتحول في النهاية إلى حويصلات مغلفة، من ثم تنقل هذه الحويصلات الربيطات إلى داخل الخلية، ويتم التخلص من الغلاف مما يسمح للحويصلات بالاندماج مع الإندوسومات.


الإخراج الخلوي

الإخراج الخلوي (بالإنجليزية: Exocytosis) ويطلق عليه أيضًا الطرد الخلوي هو عملية معاكسة للإدخال الخلوي تنطوي على طرد المواد إلى خارج الخلية، وتعد هذه العملية ضرورية لإفراز الجزيئات مثل الهرمونات، أو الإنزيمات، ودمج مكونات الغشاء الجديدة [1].


تحدث عملية الإخراج الخلوي عندما تتحرك الحويصلات التي تحتوي على مواد سيتم إطلاقها نحو غشاء الخلية ومن ثم تندمج معه، مما يؤدي إلى إطلاق محتويات هذه الحويصلات إلى خارج الخلية.


اختلافات الغشاء البلازمي بين الخلية بدائية النواة وحقيقية النواة

يظهر الغشاء البلازمي اختلافات ملحوظة بين أنواع الخلايا المختلفة، مما يعكس التنوع في التنظيم والوظائف الخلوية، وفيما يلي نستعرض الفروق في الغشاء البلازمي بين الخلايا بدائية النوى وحقيقة النوى:


الغشاء البلازمي لبدائية النواة

تتميز الخلايا بدائية النواة مثل العتائق والبكتيريا ببساطة بنية غشائها البلازمي بالمقارنة مع الغشاء البلازمي للخلايا حقيقة النواة، حيث يفتقر الغشاء البلازمي للخلايا بدائية النواة إلى العضيات المرتبطة بالغشاء البلازمي، ولكنه يشابه الغلاف الخاص بالخلايا حقيقة النواة بأنه يعمل على إدخال وإخراج المواد المختلفة إلى الخلية [1].


يتكون الغشاء البلازمي للخلايا بدائية النواة في المقام الأول من طبقة ثنائية من الفسفوليبيدات تدمج معها البروتينات، ولكن هذا الغشاء يفتقر إلى التقسيم المتقن الذي نراه في الخلية حقيقة النواة.


الغشاء البلازمي لحقيقة النواة

تكون بنية غشاء البلازما للخلاياة حقيقة النواة مثل الخلايا النباتية والحيوانية أكثر تعقيدًا بسبب العضيات المرتبطة بالغشاء، حيث تساهم هذه العضيات الإضافية في تجزئة الوظائف الخلوية، وتمكين التحكم المعقد في العمليات الأخرى [4].


تتميز الخلايا حقيقة النواة بالعضيات المرتبطة بالغشاء البلازمي مثل الشبكة الإندوبلازمية و أجسام غولجي والميتوكندريا التي يحاط كل منها بأغشية ذات وظائف محددة، مما يزيد من التعقيد العام لغشاء البلازما لحقيقات النوى [1].


المراجع

[1] Alberts B, Johnson A, Lewis J, et al. Molecular Biology of the Cell. 4th edition. New York: Garland Science; 2002. The Lipid Bilayer. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK26871/

[2] Cooper GM. The Cell: A Molecular Approach. 2nd edition. Sunderland (MA): Sinauer Associates; 2000. Structure of the Plasma Membrane. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK9898/

[3] Horn, A., & Jaiswal, J. K. (2019). Structural and signaling role of lipids in plasma membrane repair. Current topics in membranes, 84, 67–98. https://doi.org/10.1016/bs.ctm.2019.07.001

[4] Korn E. D. (1968). Structure and Function of the Plasma Membrane : A biochemical perspective. The Journal of general physiology, 52(1), 257–278. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC2225798/

[5] National University of Singapore (NUS). (n.d.). Membrane Dynamics. Mbi.nus; National University of Singapore, Mechanobiology Institute . https://www.mbi.nus.edu.sg/mbinfo/what-is-the-plasma-meranemb/

bottom of page