الجينات: بنيتها، وظائفها، أنواعها، وتأثير الطفرات بها | ميدزون
top of page

الجينات

يد ترتدي قفاز أبيض تقوم باقتطاع جزء من الحمض النووي باستخدام ملقط
الحمض النووي

في البداية سنبدأ بالتعرف على ما هي الجينات؟ تعرف الجينات ومفردها جين بأنها الوحدات الأساسية للوراثة الموجودة داخل الجينوم للكائنات الحية، والجينوم يعني المجموعة الكاملة من المادة الوراثية التي تحملها الكائنات الحية.


يتكون الجين من وحدات من أجزاء من تسلسلات الحمض النووي التي تحمل تعليمات لبناء جزيئات وظيفية في في جسم الكائن الحي مثل بناء البروتينات، بكلمات أخرى يمكن القول أن الجينات هي المخطط الأساسي للحياة حيث تقوم بتنسيق العمليات الخلوية، وتحدد السمات المظهرية المختلفة التي تتم ملاحظتها في الكائن الحي مثل لون الشعر والعينين وغيرها من السمات.

بنية الجينات

تتكون الجينات المكونة للجينوم في بنيتها الأساسية من تسلسلات من النيوكليوتيدات المتراصة بشكل معقد على طول شريط الحمض النووي، والنيوكليوتيدات عبارة عن قاعدة نيتروجين، وفوسفات وسكر خماسي [3].


تتكون قواعد النيتروجينية من الأدينين ويرمز له بالحرف (A)، والسايتوسين ويرمز له بالحرف (C)، والغوانين ويرمز له بالحرف (G)، والثيامين ويرمز له بالحرف (T)، وتشكل هذه القواعد معاً الشيفرة الوراثية، حيث تعد تسلسلات هذه القواعد بمثابة اللغة التي يوصل من خلالها الجين التعليمات الخاصة بتركيب الجزيئات الحيوية مثل البروتينات [1] [3].


تتكون الجينات أيضاً من مناطق للتشفير تسمى بالإكسونات ومناطق غير التشفير ويطلق عليها الإنترونات، ومن خلال الأسماء يمكن معرفة أن مناطق التشفير تساهم في تكوين المنتجات مثل البروتينات، أما الانترونات فهي مناطق تتداخل مع مناطق التشفير، وعلى الرغم من اعتبار الإنترونات حمض نووي غير فعال، إلا أن الابحاث تشير أن لها دوراً في تنظيم الجينات، وعمليات الربط البديلة [1] [3].


عمليات الربط البديلة هي ظاهرة تسهم في تعقيد بنية الجينات، حيث تسمح هذه العملية لجين واحد بإنتاج بروتينات متعددة من خلال استبعاد أو تضمين إكسونات معينة بشكل انتقائي. يظهر ترتيب الإكسونات والإنترونات داخل الجين الاختلاف والتباين الملحوظ بين الكائنات الحية، حيث يعكس هذا التنوع التعقيدات والتكيفات التطورية لكل نوع من أنواع الكائنات الحية [1].


بالإضافة إلى تسلسل الإكسونات والإنترونات الخطي تحتوي الجينات أيضًا على عناصر تنظيمية تحكم نشاطها، مثل العناصر التي تحكم بدء التكرار الجيني، مما يضيف طبقة من التطور إلى بنية الجينات، ويساهم في التنظيم الدقيق للتعبير عن الجينات [3].


أنواع الجينات

تقسم الجينات إلى عدة أنواع فرعية يلعب كل منها دورًا فريدًا في تنسيق الوظائف البيولوجية المختلفة، ومن هذه الأنواع الفرعية ما يلي:

  • جينات تشفير البروتين: هي النوع الأكثر شيوعًا من الجينات التي تعمل على تشفير البروتينات من خلال نسخ هذه الجينات على الحمض النووي الريبوزي المرسال (mRNA)، ومن ثم تتم ترجمتها إلى بروتينات، وتعد هذه البروتينات اللبنة الأساسية لبنية ووظائف الخلايا والأنسجة المختلفة [1] [3].

  • جينات الحمض النووي الريبي غير المشفرة (ncRNA): ينتج هذا النوع من الجينات جزيئات الحمض النووي الريبوزي التي لا تعمل كقوالب لتشفير البروتينات، ولكن يتمثل دورها في تنظيم التعبير الجيني، والعمليات التي تحدث داخل الخلية، والوظائف الهيكلية [1] [3].

  • الجينات التنظيمية: تعمل هذه الجينات على تنظيم التعبير عن الجينات الأخرى من خلال اختيار متى وإلى أي مدى يمكن أن يتم تكرار وترجمة الجينات الأخرى [1] [3].

  • الجينات الهيكلية: تشفر الجينات الهيكلية البروتينات التي يتم استخدامها في وظائف الخلايا والأنسجة، وتساهم في الوظائف الفيزيائية، حيث تنتج هذه الجينات بروتينات مثل الإنزيمات تساهم في القيام بالتفاعلات الكيميائية الحيوية، وتحافظ على بيئة وبنية الخلية [1].

  • الجينات الكاذبة: هي بقايا جينية تشبه الجينات الوظيفية، ولكنها تكون فاقدة لقدرتها إنتاج جزيئات الحمض النووي الريبوزي او البروتينات، وعلى الرغم من ذلك فإن الجينات الكاذبة ضرورية لحفظ أوجه التشابه بينها وبين الجينات النشطة، كما أنها تساهم في عملية التعبير الجيني في بعض الأحيان [1].


وظائف الجينات

لقد ذكرنا في الفقرات السابقة بعض الوظائف للجينات بشكل مختصر، والآن لنتعرف على وظائف الجينات بشكل أعمق من خلال الفقرات التالية:


تنظيم العمليات البيولوجية

تعمل الجينات كوحدات أساسية تنظم مجموعة من العمليات الحيوية، مما يؤثر على سمات الكائنات الحية، ووظائفه الحيوية. ومن الأمثلة على العمليات الحيوية التي تنظمها الجينات ما يلي:

  • السيطرة على انقسام الخلايا، حيث تتحكم الجينات بكل مرحلة من مراحل انقسام الخلية، مما يضمن دقة الانقسام والتكاثر، وتمنع النمو الغير منضبط للخلايا [1].

  • تشرف الجينات على عمليات النمو في الكائنات الحية من خلال تعديل الأنشطة الخلوية، وتحدد الجينات أيضًا معدل النمو الإجمالي وحجم الكائن الحي، وتحدد شكله وبنيته [4].

  • تصمم الجينات التمايز الخلوي، والتمايز الخلوي عبارة عن عملية معقدة تتحول فيها الخلايا الغير متخصصة إلى خلايا متخصصة ذات هويات ووظائف محددة، مما يساهم في تطور أنسجة وأعضاء متنوعة ذات وظائف متخصصة [1] [4].

  • تلعب الجينات دور محوري في تنظيم موت الخلايا المبرمج من خلال تنظيم مسارات الإشارات التي تبدأ وتنفذ موت الخلايا المبرمج. يعد موت الخلايا المبرمج عملية ضرورية لإزالة الخلايا التالفة، أو الغير ضرورية، مما يحافظ على سلامة الأنسجة، ويقضي على الخلايا التي يحتمل أن تكون ضارة [1].


تخليق البروتين

يعد تخليق البروتينات قلب وظيفة الجينات، حيث تقوم الجينات بتشفير التعليمات الخاصة بتخليق البروتينات من خلال الخطوات المبسطة التالية:

  • النسخ هو أولى خطوات تخليق البروتين، وهي عملية يتم فيها نسخ تسلسل الحمض النووي إلى الحمض النووي الريبوزي المرسال [1] .

  • معالجة ما قبل الحمض النووي الريبوزي المرسال لتحويله إلى حمض نووي ريبوزي مرسال ناضج من خلال إضافة غطاء 5'، وذيل متعدد الأدينين 3′، واستئصال الإنترونات، وربط الإكسونات معاً [3].

  • ينتقل الحمض النووي الريبوزي المرسال الناضج إلى الترجمة كقالب للترجمة، حيث تتم خلال هذه العملية قراء الشيفرات الوراثية وتخليق البروتين. تقرأ الريبوسومات الحمض النووي في مجموعات مكونة من ثلاث نيكليوتيدات يحدد كل منها حمض أميني، ثم يتم تجميع هذه الأحماض معاً لتكوين البروتين [3].

  • بعد التخليق تخضع البروتينات لعمليات طي معقدة تضمن اكتسابها لشكلها الوظيفي [4].


التحكم في الاتصالات الخلوية والإشارات

تتحكم الجينات في الإتصالات الخلوية والإشارات التي تطلقها الخلايا من خلال تنظيم التعبير عن الجزيئات المشاركة في الاتصال بين الخلايا، مما يسمح للخلايا بالتفاعل، ونقل الإشارة، والاستجابة للمنبهات [1].


تقوم الجينات بتشفير مجموعة من جزيئات الإشارات بما في ذلك عوامل النمو و الهرمونات، والنواقل العصبية

[4]. بالإضافة إلى ما سبق تشارك الجينات في تشفير البروتينات المشاركة في نقل الإشارة، مما يسهل نقل الإشارات من خارج الخلية إلى داخل الخلية، مما ينظم عمليات مختلفة مثل نمو الخلايا وتمايزها وموت الخلايا المبرمج [3].


تنظم الجينات أيضاً الاستجابة الخلوية التكيفية للتغيرات البيئية مثل توافر العناصر الغذائية والتغيرات في درجات الحرارة، مما يساعد الكائن الحي على التكيف والبقاء على قيد الحياة في بيئات متنوعة [2].


الطفرات الجينية

غالباً ما يترافق مصطلح الجينات بمصطلح الطفرات الجينية، وتعني الطفرات الجينية التغيرات في سلاسل الحمض النووي بسبب عوامل متنوعة مثل الأخطاء أثناء مضاعفة الحمض النووي، أو التعرض للملوثات البيئية، أو التغيرات في الحمض النووي الناشئة عن العمليات الخلوية [2].


تتسبب الطفرات في تغيرات في وظيفة أو بنية البروتينات، وبالاعتماد على تأثيرها قد تكون الطفرات صامتة أي لا يكون لها تأثير في بنية البروتين ووظيفته، أو يمكن أن تكون الطفرات ضارة تسبب خلل في البروتين مما يؤدي إلى عواقب ضارة محتملة على الكائن الحي [4].


لا تكون الطفرات ضارة دائمًا فهي أيضاً تلعب دوراً في التطور من خلال توليد التنوع الجيني داخل مجموعات الكائنات الحية [1]، كما أنها تمثل المادة الأساسية للانتقاء الطبيعي مما يسمح للكائنات الحية بالتكييف والعيش في البيئات المتغيرة التي قد تتعرض لها [2].


المراجع

[1] Alberts B, Johnson A, Lewis J, et al. Molecular Biology of the Cell. 4th edition. New York: Garland Science; 2002. Studying Gene Expression and Function. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK26818/

[2] Durland J, Ahmadian-Moghadam H. Genetics, Mutagenesis. [Updated 2022 Sep 19]. In: StatPearls [Internet]. Treasure Island (FL): StatPearls Publishing; 2023 Jan-. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/books/NBK560519/

[3] International Human Genome Sequencing Consortium. (2001). Initial sequencing and analysis of the human genome. Nature, 409(6822), 860–921. https://doi.org/10.1038/35057062

[4] Pearson, H. (2006). What is a gene? Nature, 441(7092), 398–401. https://doi.org/10.1038/441398a

bottom of page